سورة الدخان - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الدخان)


        


ليلة مباركة: هي ليلة القدر. منذِرين: مُعْلِمين ومخوفين. يفرق: يفصل ويبين. حكيم: محكَم لا يمكن الطعن فيه. ان كنتم موقنين: إن كنتم مؤمنين ومصدقين حقا.
حم: تقرأ هكذا حاميم: من الحروف الصوتية، وقد تكلّمنا عن هذا الاسلوب والغرض منه.
أقْسَمَ الله تعالى بالقرآن الكاشف عن الدِّين الحقِ، المبينِ لما فيه صلاحُ البشرية في دنياهم وأُخراهم، وأنه انزلَ القرآنَ في ليلة مبارَكة هي ليلة القدر، لإنذار العباد وتخويفهم بإرسال الرسُل وانزال الكتب. وفي هذه الليلة المباركة يفصِل الله كل أمر محكَم، والقرآنُ رأس الحكمة والفيصلُ بين الحقّ والباطل، يبيّن لهم ا يضرّهم وما ينفعهم. {إِنَّهُ هُوَ السميع العليم} إن الله لا تخفى عليه خافية من أمرهم، فهو الذي بيدِه إحياؤهم وإماتتهم، وهو ربُّهم وربّ آبائهم الأولين، المالكُ لهم والمتصرّف فيهم حسب ما يريد.
{بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ}
انهم ليسوا بموقِنِين بعد أن بينّا لهم الرشدَ من الغيّ وأصرّوا على كفرهم وشكّهم وعنادهم لاهين لاعبين.
قراءات:
قرأ الكوفيون: {ربِّ السموات}. بالجر. والباقون: {ربُّ السموات} بالرفع.


فارتقب: فانتظر. الدخان: الدخان المعروف الناشئ عن النار. يغشى الناسَ: يحيط بهم. اكشفْ عنا: ارفع عنا. أنّى لهم الذكرى: كيف يتذكرون ويتعظون. وقالوا معلَّم: يعلمه بعض الناس. البطش: الأخذ الشديد. فتنّا: بلونا، وامتحنا. أدوا اليَّ عباد الله: اعطوني عباد الله وأطلقوهم. لا تعلوا على الله: لا تستكبروا. بسلطان مبين: بحجة واضحة. عُذت بربي وربكم: التجأت اليه وتوكّلتُ عليه.
انتظِر ايها الرسولُ يومَ القيامة حين تأتي السماءُ بدخانٍ واضحٍ يعمُّ الناسَ ويغطّيهم، فيقولون: ربنا اكشِف عنا العذابَ قد آمنا بدِينك. إن إيمانَهم لن ينفعَهم في ذلك اليوم، وقد جاءهم رسولُ الله بالرسالة الواضحة الصادقة، فكفروا به، وقالوا إنه مجنونٌ يعلّمه بعضُ الناس القرآنَ الذي يتلوه علينا.
وهنا يردّ الله تعالى عليهم: إنا سنرفعُ عنكم العذاب، وإنكم تعيشون الآن فرصةً قبل يوم القيامة فآمِنوا، إنكم ستعودون إلى كُفركم وما كنتم عليه بعد سماعكم الآيات.
فاذكر ايها الرسولُ يومَ تأخذهم الأخْذَةُ الكُبرى بعنف وقوة، {إِنَّا مُنتَقِمُونَ} منهم في ذلك اليوم الرهيب.
ولقد امتحنا قبل كفارِ مكة قومَ فرعونَ بالنعمةِ والسلطان واسباب الرخاء {وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ} مأمونٌ على ما أبلّغكم غير متَّهم فيه، فلا تتكبروا على الله بتكذيب رسوله، لأني آتيكم بحجّة واضحة على حقيقة ما ادعوكم اليه.
{وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ}
اني ألتجئ إلى الله ربي وربكم ان لا تصِلوا اليَّ بسوءٍ من قول أو عمل.
وان لم تصدّقوني فيما جئتكم به من عند الله {فاعتزلون} وخلُّوا سبيلي ولا ترجموني، ودعوا الأمرَ بيني وبينكم مسالمةً إلى ان يقضيَ الله بيننا.


اسرِ بعبادي: سر بهم ليلاً. متبعون: يتبعكم فرعون وجنوجه. رهْواً: ساكنا هادئا. مقام كريم: منازل حسنة. نعمة: (بفتح النون) الرفاهة وطيب العيش، والنعمة: (بكسر النون) ما أنعم الله به من رزق ومال وغيره. فاكهين: ناعمين في عيش رغيد. فما بكتْ عليهم السماء: لم تكترث لهلاكهم. مُنظِرين: مهملين ومؤخرين. العذاب المهين: الشديد الاهانة والإذلال. عاليا: جبّارا متكبرا. من المسرفين: في الشر والفساد. على عِلم: عالمين باستحقاقهم ذلك. على العالمين: في زمانهم. الآيات: المعجزات. بلاءٌ مبين: اختبار ظاهر.
فلما طال مقامُ موسى بين أظهُرِ قومِ فرعون ولم يؤمنوا به، ولم يزدهم ذلك الا كفراً وعناداً دعا ربه شاكياً قومه حين يئسَ من غيمانهم، بأن هؤلاء القوم مجرمون، لا أمل فيهم.
وحينئذ أمره اللهُ ان يُخرج بني اسرائيل ليلاً وان يحذَروا، لأن فرعونَ وقومه سيتبعونهم. وطلب إليه: إنك إذا قطعت البحر يا موسى فاتركه ساكناً على حاله حتى يدخلَه فرعونُ وقومه فيغرقوا فيه. {إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ}.
ثم بين الله تعالى بعد غرقِ آل فرعون كم تركوا بعد إغراقهم ومَهلَكِهم من بساتينَ وقصور، وحدائقَ غناء وزروع ناضرة، وعيشة ناعمة {كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ} ناعمين مترفين.
{كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ}
هكذا فعلنا بهؤلاء الذين كذّبوا رُسلَنا، وهكذا نفعل بكل من عصانا. ثم إننا أورثنا تلك البلادَ وما فيها من خير عميم قوماً آخرين، لا يمتّون إليهم بقرابة ولا دين. فما حزنتْ عليهم السماءُ ولا الأرض عندما أخذهم العذابُ ولا أُمهلوا لتوبةٍ أو تداركِ تقصير.
ثم بين الله كيف نَجَّا موسى ومن معه وذَكَر إحسانَه إليهم بأنه خلّصهم من العذاب المهين، بإهلاك عدوّهم فرعون، الذي كان متكبراً مسرفاً في الشر والفساد، وبيّن انَّه اصطفاهم على عالَمِ زمانهم، وأعطاهم من المعجزات ما فيه اختبارٌ ظاهر لهم وبلاء. كما قال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً} [الأنبياء: 35].

1 | 2